أنا خائبة حد الموت، غاضبة وضيقة.. أضيق من ثُقب الإبرة، قلبي المتمددّ المفرغ مثل بالون هائل ينكمش على ذاته الآن، أنا لستُ قوية، إنما أكثر هشاشة من البتلات الجافة في وجه الريح
أنا خائبة حد الموت، غاضبة وضيقة.. أضيق من ثُقب الإبرة، قلبي المتمددّ المفرغ مثل بالون هائل ينكمش على ذاته الآن، أنا لستُ قوية، إنما أكثر هشاشة من البتلات الجافة في وجه الريح
تسندهم، تستمع، تخفف عنهم، تمنحهم قوتك بلا حدود..لكن قلبك يئن تحت ثقل جرح عمره سنين، لا كلمات تواسيه، ولا حلول تزيله، كل قوتك للآخرين، وكل عجزك لنفسك وحدك، صامت، متجذر،
لا يتحرك
أرجوك لا تحدثني عن الصبر، أنت لا تعلم كم الأشياء التي أنتظرها، لا تعرف عن اللحظات الطويلة وأنا أراقب عقارب الساعة وهي تتحرك ببطء، لا تعرف عن الأمنيات التي أنتظر تحقيقها، كم الإبتلاءات التي أصبر عليها، حتى أنني أخشى أن أعتاد عليها، لا تسألني عن قوة تحملي فأنا أتحمل كل يوم سخافات لا تحتمل، أتجاوز مواقف ربما لو مرت عليك لأنهيت حياتك على الفور، أتجاوز تفاصيل خاصة مؤذية تدفعني للانهيار، أتجاوز خيبات الأصدقاء، الذين وثقت بهم وخذلوني أشد خذلان والذين تعمدوا جرحي، لا تعرف كم مرة تجاوزت نوبات القلق حتى أبدو هادئًا أمامك، لا تعرف كم مرة تجاوزت شعور الفقد، الحنين، والاشتياق، حتى الحزن والندم وجلد الذات، كل هذه المشاعر التي احتفظ بها خوفًا من أبدو أمام أحد في غاية الهشاشة والضعف، وأرجوك لا تحدثني عن الحرب والتحدي..
أنا دائمًا في حرب، مع نفسي التي تبحث عن أي فرصة للهروب من العالم ومن واقعيتي في مواصلة الحياة بشكل طبيعي، حرب ضد مخاوفي من مستقبل مضطرب ومهزوز، واقع في غاية القسوة، مسؤوليات وضغط لا ينتهي، أنا مجرد صورة جميلة أمامك أنت لا تعرف حقيقة الأمر…لا تعرف ما يحدث في الكواليس
يتسلل الوجع عبر أروقة قلبي فيعزّ علي ألمي،
تمتلى شقوق قلبي بالأمل مع من أحب
فيتسرب.. مع أول تنهيدة لي،
أبحث عني رغم حالة اللاوجود التي أشعر بها معي،
فأعجز عن اللقاء بي،
أعود إلى هاوية ذاتي.. عازمًا السقوط،
فتنبسط أرض الروح،
أحاول الهرب ومغادرتي ببطء،
فيضيق العالم حولي كلما حاولت أن أنفذ له
لأعود لوحدتي مجددًا
صَابِرٌ يا ربِّ.
ووحدك تعلم أني أجاهد نفسي بالصبر.. لكن الحِمل للغاية ثقيل، أجاهد قلبي بالرضا .. لكن القلب من كثرة حزنه وهَمِّه شاكٍ عَلِيل، وأَدفعُ عن نفسي شعور الخَوف والقلق.. لكنه أمرُ مُرهِقُ لا أَقْوَى عليه، وأنت بحالي عليم.. فالدَّرب مُوحِش، والطريق طويل، والهِمَّة ضعيفة، والشغف مُنعدِم، واليأس يدقّ كل الأبواب في وقتٍ واحد، وعبدُك الذي وراءها له في وجهك الكريم عَشَمُ كبير ..
فاللهُم خُذ بيدي إليك، وسَهِّل وصولي لِما ترضى وتحب، وجدِّد الأمل في قلبي ليكمُل ما منه بُدّ، يا ربِّ مهما أُوتِيَ عبدك الفقير مِن قوة.. فلا يَقْوَى على شيء إلا بك، وليس له حول ولا قوة إلا منك، فتفضَّل عَلَيٌّ.. وعَلَيَّ جُد.
- أجل سوف أموتٌ جوعًا للأمل ، سأموت من التهام الأيام لروحي، من كل الذي تدسه الأيام في حناياها،
أنا لا أشتهي الأكل ، إنني أضلُ أيام وأسابيع بدون أن أكل شيئًا تضل معدتي فارغة على الدوام …أعلم أن هذا الأمر لا يروق لك يا أمي لكن الأسوا في الأمر : أنني لا أستطيع الحلم ، إنني أضل أيضًا أيام وأسابيع بدون أن أحلم بدون أن أجد طرف أمل أقاوم فيه سوء أيامي ، لا أستطيع خلق الأمل من جديد في روحي ، مثلما ينهش الجوع معدتي.. كذلك ينهش الانطفاء قلبي،
جسدي الذي لا ينمو تكبر الندوب على أجزاءه.. روحي التي كانت لا تعرف معنى التأرجح أصبحت كومة حطام متساقط على الدوام ، روحي التي كالبخار تتسلق نفسها تحاول الفرار، هل تأبهين لجسدي يا أمي؟ هل ينتابك القلق حول جسدي الذي يتساقط كل يوم؟ أنا أبه لروحي وقلبي أكثر ، أبه لكل مقاوماتي التي تصافح يد الفشل وكأنها ذو موده، … تلك الأيام التي أخبرتني أن لا حقول فيها ولا أمطار ، الأيام الجافة التي تطبع على وجوهنا الآن تحرثُ سوادها على روحي ، ينسل بردها في عروقي التي لا تكبر
الأيام التي تمسك عني صباحاتها دائمًا مثلما يفعل الظلام بصمته التام ، الحلم المخبأ في قلقي وفي لحظة لا تجيء حتى بلسان العدم والذي يهتز به أركان توازني يقلقني كحرب مستمرة لا منتصر فيها ولا مهزوم.
بالنهاية انا حزين، هذا غير مهم لأنني دائماً اكون هكذا في نهاية المطاف ، المحزن هذه المرة أنني لا استطيع التخلص مني او تناسي هذا الحزن الذي يلتصق بي، انني متعب بشكلٍ لا يسمح لي من القيام بأعمالي، او ان اكون حاضراً امام نفسي بصورة القوي ، انا انتهي اخيراً ،
ولا استطيع ان اتقدم خطواتٍ اكثر.