
LanguageKnights
في صباحٍ تتنفس فيه الأرض ندى السماء، كان رائف يتبع خطوات والده بين ظلال البستان، كان أبوه ينحني قرب غرسةٍ صغيرة، يهيل عليها التراب كأنما يحتضنها، ثم يسقيها بصبرٍ لا يشكو التعب. مضت الأيام، وتفتّحت على الغصن عناقيدُ من العنب، تشعّ من بينها قطرات كأنها الندى وقد تعلّق بالحُلم، تذوّق رائف أول ثمرة، فتسلّلت الحلاوة إلى قلبه قبل فمه، وابتسم بعينين تلمعان بالدهشة، قال في نفسه: «إذن، كل ما يُغرس هنا، يُثمر عنبًا!» وذات صباح، وجد غرسة شوك في أطراف البستان، وحملها ببراءة إلى قلب التربة، غرسها كما رأى، وسقاها كما علّمه والده. مرت الأيام وترقّب الفتى الثمار، لكن بدل العنب كان الشوك يخرج ساخرًا من انتظاره، جارحًا يديه كلما اقترب. اقترب الأب نظر إلى الغرسة، ثم قال بصوتٍ هادئ فيه حكمة العمر: «يا بني، إنك لا تجني من الشوك العنب.» ثم جلس إلى جواره وقال بنبرة حانية: «إن طِيبَ الثمر من طِيبِ الأصل، وما خرج من قلبٍ خبيث، لا يُثمر يومًا خيرًا، وإن سُقي ألف مرة.» سكت رائف طويلًا، وحدّق في الغصن الجارح، وكأن الشوك نطق له درسًا لا يُنسى. ومنذ ذلك اليوم، لم يعد يغرس إلا ما يليق بقلب الأرض وقلبه. هل مررت يومًا بتجربةٍ كنتَ فيها كمن ينتظر العنب من الشوك؟ كيف تعلمت أن تُميّز بين الزهر والشوك؟ - سيرافينا