
ArabicSpring
كانت الغرفة مُثقلة بظلام اللّيل ونُور القمر، إلّا أنّ السّتائر كانت أكثر جرأةً من أن تهدأ، فرقصت بِخفّة على وقع النسيم الهادئ. وهناك جلست آيلا على حافّة الطاولة تُؤَرجح أناملها بين الدّفاتر، تتحَسَّس الحروف كما لو كانت خرزًا ثمينًا. من ثمّ قالت بصوت منخفض: «هل لاحظت كيف تتسلّل الأشياء الصّغيرة؟ كيف تزرع نفسها في اللّحظات بلا إعلان وبلا ضجيج؟» ابتسم ألدن وأومأ قائلًا: «أحيانًا كل ما يحدث بهدوءٍ مِن حولنا، تلك التفاصيل الصغيرة واللّحظات العابرة، هي التي تصنعنا تدريجيًّا، وتجعلنا على استعداد للحظة محوريّة، تِلك التي تتأهّب لتكشف عن ذاتها لاحقًا.» تمتمت وهي تحدق بالضّوء المُتسرّب من النّافذة: «والأشياء التي لا تُرى غالبًا هي التي تُثقل كاهلنا، ثم تمنحنا فهمًا جديدًا بطريقة لا تشبه أيّ درس.» أخذ ألدن نفسًا عميقًا وأشار إلى الصفحة الفارغة أمامهما: «هذه الصفحة…» استشاطت الرياح وبدأت الأوراق تنتفض بين أصابعهما كما لو كانت تشهد على شيء غير مرئي. وهناك ابتعد كلٌّ من آيلا وألدن عن الطاولة وتركا وراءهما صمتًا ثقيلًا، شعورًا بأنّ شيئًا جديدًا يتشكّل… شيء لا يُعلن ولا يُعرف مُسبقًا، بل يُحسّ فقط ويغير ما حوله بصمت عميق. - لكن أيّ لحظة هي تِلك؟ وما الذي يستعد ليكشف عن نفسه؟